الوقوف علي الأطلال
هل بالطُّلول لِسائِلٍ رَدُّ ؟
أَمْ هل لها بِتَكَلُّمٍ عَهْدُ؟
دَرَسَ الجَديدُ جَديدُ مَعْهَدِها
فَكَأنما هو رَيْطَةٌ جَرْدُ
مِن طولِ ما تبْكي الغَيوم على
عَرَصَاتِها ويُقَهْقِهُ الرعْدُ
وتَلُثُّ سارِيَةٌ وغادِيَةٌ
ويَكُرُّ نَحْسٌ خلفه سَعْدُ
تَلْقى شآمِيَةٌ يَمانِيَة
لهما بِمَوْرِ ترابها سَرْدُ
فَكَسَتْ بواطنها ظَواهِرَها
نَوْراً كأنَّ زَهاؤه بُرْدُ
يغدو فَيَسْدي نَسْجُه حدب
واهِِي العُرى وينيره عهد
فَوَقَفْتُ أسألُها وليس بها
إلاّ المهَا ونَقانِقٌ رُبْدُ
ومكدم في عانة جزأت
حتي يهيج شأوها الورد
فَتَناثَرَتْ دُرَرُ الشؤونِ على
خَدِّي كما يَتَناثَرُ العِقْدُ
أو نضح عزلاء الشعيب وقد
راح العسيف بملئها يعدوا
دعد الفتاة العربية الجميلة
إلاّ بحر تلَهُّفي دَعْدُ
بَيْضاءُ قد لبِسَ الأديمُ أديم
الحُسْنِ فَهْوَ لِجِلْدِهاجِلْدُ
وَيَزيِنُ فَوْدَيْها إذا حَسَرَت
ضافي الغَدائرِ فاحمٌ جَعْدُ
فالوَجْهُ مِثْلُ الصُّبْحِ مُبْيَضٌّ
والشَّعْرُ مِثْلُ الليلِ مُسْوَدُّ
ضِدَّانِ لمّا استَجْمَعا حَسُنا
والضِّدُّ يُظْهِرُ حُسْنَهُ الضِّدُّ
وجبينُها صَلْتٌ وحاجِبُها
شخْتُ المَخَطِّ أزَجُّ مُمْتَدُ
وكَأنَّها وَسْنى إذا نَظَرَتْ
أوْ مُدْنَفٌ لَمَّا يُفِقْ بَعْدُ
بِفُتورِ عَيْنٍ ما بِها رَمَد
وبِها تُداوى الأعيُنُ الرُّمْدُ
وتريك عرنينا به شمم
وتريك خدا لونه الورد
وتُجِيلُ مِسْواكَ الأراكِ على
رَتْلٍ كأنَّ رُضابَهُ الشَهْدُ
والجِيدُ مِنْها جِيدُ جادية
تَعْطو إذا ما طالَها المَرْدُ
وكأنَّما سُقِيَتْ تَرائبُها
والنَّحْرُ ماءَ الحسن إذ تبدو
وامْتَدَّ من أعْضادِها قَصَب
فَعْمٌ زهته مَرافِقٌ درد
ولها بَنانٌ لو أرَدْت َ له
عَقْداً بِكَفِّكَ أمْكَنَ العَقْدُ
والمِعْصَمان فما يُرى لهما
مِنْ نَعْمَةٍ وبَضاضَةٍ زنِدُّ
والبطن مطوي كما طويت
بيض الرياط يصونها الملد
وبخصرها هيف يزينه
فإذا تنوء يكاد ينقد
مشت علي قدمين خصّرتا
وألينتا فتكامل القد
واقْتادَني في حُبِّها الوَجْدُ
دعاء ورجاء للفتاة الجميلة
إنْ لم يَكُنْ وَصْلٌ لَدَيْكِ لنا
يَشْفي الصَّبابَةَ فَلْيَكُنْ وعْدُ
قد كان أوْرَقَ وصْلُكُم زَمَناً
فَذَوى الوِصالُ وأوْرَقَ الصَّدُّ
للَّهِ أشْواقٍ إذا نَزَحَتْ
دارٌ بِنا، ونَبا بِكُمْ بُعْدُ
إنْ تُتْهِمي فتِهامَةٌ وطَني
أوْ تُنْجِدي إنَّ الهوى نَجْدُ
وزَعَمْتِ أنَّكِ تُضْمِرينَ لنا
وُدَّاً فهلاّ يَنْفَعُ الوُدُّ
وإذا المُحبُّ شكا الصُّدودَ ولم
يُعْطَفْ عَلَيْهِ فقَتْلُهُ عَمْدُ
ونَخُصُّها بالوُدِّ وهي على
ما لانُحِبُّ ، وهكذا الوَجْدُ
أوَ ما تَرى طِمْرَيَّ بينهما
رَجُلٌ أَلَحَّ بِهَزْلِهِ الجد
فالسَّيفُ يَقْطَعُ وهْوَ ذو صَدَأٍ
والنَّصْلُ يَفْري الهامَ لاالغِمْدُ
هل تَنْفَعَنَّ السيفَ حِلْيَتُهُ
يومَ الجِلادِ إذا نَبا الحَدُّ
الشاعر العاشق يصف نفسه
ولقد عَلِمْتِ بأنَّني رَجُلٌ
في الصالحاتِ أروحُ أو أغْدوا
بَرْدٌ على الأدْنى ومَرحَمَةٌ
وعلى المكارِهِ باسِلٌ جَلْدُ
مَنَعَ المطامعَ أن تُثَلِّمَني
أنِّي لِمِعْوَلِها صَفَاً صَلْدُ
مُتَجَلْبِبٌ ثَوْبَ العفافِ وقد
وَصَلَ الحبيبُ وأسْعَدَ السَّعْدُ
ومُجانبٌ فعلَ القبيحِ وقد
غَفَلَ الرقيبُ وأمْكَنَ الوِرْدُ
فأظلُّ حُرّاً من مَذَلَّتِها
والحُرُّ حين يُطيعُها عَبْدُ
العشق في عزة وكرامة
آلَيْتُ أمدحُ مُقْرِفأً أبداً
يَبْقى المديحُ ويَنْفَدُ الرِّفْدُ
هيهات يأبى ذاك لي سَلَفٌ
خَمَدوا ولم يَخْمَدْ لهم مَجْدُ
فالجَدُّ كِِنْدَةُ والبَنونَ همُ
فَزَكا البَنونَ وأنْجَبَ الجَدُّ
فلَئِنْ قَفَوْتُ جميلَ فِعْلِهِمُ
بِذَميمِ فِعْلي إنّني وَغْدُ
أجْمِلْ إذا حاولتَ في طَلَبٍ
فالجِدُّ يُغْني عنك لا الجَدُّ
وإذا صبَرْتَ لِجَهْدِ نازِلَةٍ
فكَأنَّما ما مَسَّكَ الجُهْد
وطَريدِ ليلٍ ساقَهُ سَغَبٌ
وَهْناً إلَيَّ وقادَهُ بَرْدُ
أوْسَعْتُ جَهْدَ بَشاشَةٍ وقِرىً
وعلى الكريمِ لضَيْفِهِ الجَهْدُ
فَتَصَرَّمَ المشْتى ومَرْبَعُهُ
رحْبٌ لديَّ وعَيْشُهُ رَغْدُ
ثمّ اغتَدى ورداؤهُ نِعَمٌ
أسديتها وردائيَ الحَمْدُ
لِيَكُنْ لديكَ لِسائلٍ فَرَجٌ
إن لم يَكُنْ فَلْيَحْسُنِ الرَّدُّ
ياليتَ شِعْري، بعد ذلكمُ
ومَحار كلِّ مُعَمَّرٍ لَحْدُ
أصَريعَ كَلْمٍ أم صَريعَ ردي
أودى فليسَ منَ الرّدى بُدُّ