بِمَ التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ -أبو الطيب المتنبي

بِمَ التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ -أبو الطيب المتنبي

بِمَ التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ قصيدة المتنبي الشاعر المتمرد شديد الاعتداد بالنفس شديد التطلع يخاطب سيف الدولة من مهجره في  مصر.

 المتنبي بين الرجاء واليأس عاتباً ومحاسباً وناقماً وناقداً ومهدداً فما تكاد تعرف ماذا يريد.

المتنبي عند كافور - مازال يسميه أبا المسك - ليس بأحسن حال لم يعطه شيئاً مما وعد ولا يبدو أنه سيعطي غير أنه طامع ولم ينقض أمله في عطاء عسي أن يكون قريباً.

 وتاتيه الأخبار من عند سيف الدولة أنه قد قرب الحساد والمنافسين  وأنهم قد انفردوا بسيف الدولة يوحشونه من المتنبي ويكيلون له الدسائس والفري.

  ويقولون مات ويقولون قتل ويقولون هجاك ويقولون قلاك والمتنبي يسمع وتأتيه الأخبار فتزيده وحشة وسوء حال.

 تلاحظ في بِمَ التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ سؤاله الأول في هذا الجو الكئيب  (بم التعلل ؟) ثم يبلغ اليأس مبلغه فينقم غلي الحياة وما فيها ويقول:( لا تلق دهرك إلا غير مكترث) .

شدة اليأس تورث اللامبالاه والاستسلام وربما تورث الحكمة فقد قال في ثنايا القصيدة بعض الحكم مازالت تجري مجري الأمثال.

 ثم يعود لنقسه ويتذكر مقامه عند كافورالاخشيدي  العبد  - وهو يعرف في قرارة نفسه أن كافور خسيس لن ينجز ماوعد .

  وسيقول بعد أيام لا تشنري العبد إلا والعصا معه -  فيرمي إليه كلمات تذكره بوعوده وتطالبة بالوفاء ومازال ينتظر.



بِمَ التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ   وَلا نَديمٌ وَلا كَأسٌ وَلا سَكَنُ


الشاعر :أبو الطيب المتنبي

وزن القصيدة:البحر البسيط 



بِمَ التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ

وَلا نَديمٌ وَلا كَأسٌ وَلا سَكَنُ

أُريدُ مِن زَمَني ذا أَن يُبَلِّغَني

ما لَيسَ يَبلُغُهُ مِن نَفسِهِ الزَمَنُ

لا تَلقَ دَهرَكَ إِلّا غَيرَ مُكتَرِثٍ

مادامَ يَصحَبُ فيهِ روحَكَ البَدَنُ

فَما يَدومُ سُرورٌ ما سُرِرتَ بِهِ

وَلا يَرُدُّ عَلَيكَ الفائِتَ الحَزَنُ

مِمّا أَضَرَّ بِأَهلِ العِشقِ أَنَّهُمُ

هَوُوا وَما عَرَفوا الدُنيا وَما فَطِنوا

تَفنى عُيونُهُمُ دَمعاً وَأَنفُسُهُم

في إِثرِ كُلِّ قَبيحٍ وَجهُهُ حَسَنُ

تَحَمَّلوا حَمَلَتكُم كُلُّ ناجِيَةٍ

فَكُلُّ بَينٍ عَلَيَّ اليَومَ مُؤتَمَنُ

ما في هَوادِجِكُم مِن مُهجَتي عِوَضٌ

إِن مُتُّ شَوقاً وَلا فيها لَها ثَمَنُ

يا مَن نُعيتُ عَلى بُعدٍ بِمَجلِسِهِ

كُلٌّ بِما زَعَمَ الناعونَ مُرتَهَنُ

كَم قَد قُتِلتُ وَكَم قَد مُتُّ عِندَكُمُ

ثُمَّ اِنتَفَضتُ فَزالَ القَبرُ وَالكَفَنُ

قَد كانَ شاهَدَ دَفني قَبلَ قَولِهِمِ

جَماعَةٌ ثُمَّ ماتوا قَبلَ مَن دَفَنوا

ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدرِكُهُ

تَجري الرِياحُ بِما لا تَشتَهي السُفُنُ

رَأَيتُكُم لا يَصونُ العِرضَ جارُكُمُ

وَلا يَدِرُّ عَلى مَرعاكُمُ اللَبَنُ

جَزاءُ كُلِّ قَريبٍ مِنكُمُ مَلَلٌ

وَحَظُّ كُلِّ مُحِبٍّ مِنكُمُ ضَغَنُ

وَتَغضَبونَ عَلى مَن نالَ رِفدَكُمُ

حَتّى يُعاقِبَهُ التَنغيصُ وَالمِنَنُ

فَغادَرَ الهَجرُ ما بَيني وَبَينَكُمُ

يَهماءَ تَكذِبُ فيها العَينُ وَالأُذُنُ

تَحبو الرَواسِمُ مِن بَعدِ الرَسيمِ بِها

وَتَسأَلُ الأَرضَ عَن أَخفافِها الثَفِنُ

إِنّي أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي كَرَمٌ

وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي جُبُنُ

وَلا أُقيمُ عَلى مالٍ أَذِلُّ بِهِ

وَلا أَلَذُّ بِما عِرضي بِهِ دَرِنُ

سَهِرتُ بَعدَ رَحيلي وَحشَةً لَكُمُ

ثُمَّ اِستَمَرَّ مَريري وَاِرعَوى الوَسَنُ

وَإِن بُليتُ بِوُدٍّ مِثلِ وُدِّكُمُ

فَإِنَّني بِفِراقٍ مِثلِهِ قَمِنُ

أَبلى الأَجِلَّةَ مُهري عِندَ غَيرِكُمُ

وَبُدِّلَ العُذرُ بِالفُسطاطِ وَالرَسَنُ

عِندَ الهُمامِ أَبي المِسكِ الَّذي غَرِقَت

في جودِهِ مُضَرُ الحَمراءِ وَاليَمَنُ

وَإِن تَأَخَّرَ عَنّي بَعضُ مَوعِدِهِ

فَما تَأَخَّرُ آمالي وَلا تَهِنُ

هُوَ الوَفِيُّ وَلَكِنّي ذَكَرتُ لَهُ

مَوَدَّةً فَهوَ يَبلوها وَيَمتَحِنُ





تعليقات