عنترة بن شداد العبسى -الفارس الشاعر العاشق
عنترة بن عمرو بن شدّاد بن عمرو بن قراد بن مخزوم بن عوف ابن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض.
وقال ابن الكبى: شدّاد جدّ عنترة أبو أبيه، غلب على اسم أبيه فنسب إليه.
وإنّما هو عنترة بن عمرو بن شدّاد. وقال غيره: شدّاد عمّه، وكان عنترة نشأ فى حجره ، فنسب إليه دون أبيه.
وإنّما ادّعاه أبوه بعد الكبر، وذلك أنّه كان لأمة سوداء يقال لها زبيبة، وكانت العرب فى الجاهليّة إذا كان للرجل منهم ولد من أمة استعبده، وكان لعنترة إخوة من أمّه عبيد.
اعتراف والد عنترة بن شداد ببنوته
وكان سبب ادّعاء أبى عنترة إياه أن بعض أحياء العرب أغاروا على قوم من بنى عبس، فأصابوا منهم، فتبعهم العبسيّون، فلحقوهم فقاتلوهم عمّا معهم، وعنترة فيهم، فقال له أبوه: كرّ يا عنترة فقال عنترة: العبد لا يحسن الكرّ، إنّما يحسن الحلاب والصّرّ فقال: كرّ وأنت حرّ، فكرّ وهو يقول:
كلّ امرئ يحمى حره
أسوده وأحمره
والواردات مشفره
وقاتل يومئذ فأبلى، واستنقذ ما كان بأيدى عدوهم من الغنيمة ، فادّعاه أبوه بعد ذلك، وألحق به نسبه.
وهو أحد أغربة العرب ، وهم ثلاثة: عنترة، وأمّه زبيبة، سوداء، وخفاف بن عمير الشّريدىّ، من بنى سليم، وأمّه ندبة، وإليها ينسب، وكانت سوداء، والسّليك بن عمير السعدىّ، وأمّه سلكة، وإليها ينسب، وكانت سوداء.
وكان عنترة من أشدّ أهل زمانه وأجودهم بما ملكت يده. وكان لا يقول من الشعر إلّا البيتين والثلاثة، حتّى سابّه رجل من بنى عبس، فذكر سواده وسواد أمّه وإخوته، وعيّره بذلك، وبأنّه لا يقول الشعر،
فقال له عنترة:والله إنّ الناس ليترافدون بالطّعمة، فما حضرت مرفد الناس أنت ولا أبوك ولا جدّك قطّ.
وإنّ الناس ليدعون فى الغارات فيعرفون بتسويمهم، فما رأيناك فى خيل مغيرة فى أوائل الناس قطّ.
وإنّ اللّبس ليكون بيننا، فما حضرت أنت ولا أبوك ولا جدّك خطّة فيصل ، وإنّما أنت فقع نبت بقرقر، وإنى لأحتضر البأس، وأوفى المغنم، وأعفّ عن المسألة، وأجود بما ملكت يدى ، وأفصل الخطّة الصّمعاء ، وأما الشعر فستعلم. فكان أوّل ما قال قصيدة
معلقة عنترة بن شداد
وهى أجود شعره، وكانوا يسمّونها «المذهبة»
وكان عنترة قد شهد حرب داحس والغبراء ، فحسن فيها بلاؤه، وحمدت مشاهده
قال أبو عبيدة: إنّ عنترة بعد ما تأوّت عبس إلى غطفان بعد يوم جبلة ، وحملت الدماء، احتاج، وكان صاحب غارات، فكبر فعجز عنها، وكان له بكر على رجل من غطفان، فخرج قبله يتجازاه، فهاجت رائحة من صيّف ، وهبّت نافحة ، وهو بين شرج وناظرة ، فأصابت الشيخ فهرأته، فوجدوه ميّتا بينهما.
قال أبو عبيدة: وهو قتل ضمضما المرّىّ، أبا حصين بن ضمضم وهرم بن ضمضم، فى حرب داحس والغبراء، وفى ذلك يقول:
ولقد خشيت بأن أموت ولم تدر
للحرب دائرة على ابنى ضمضم
الشاتمى عرضى ولم أشتمهما
والناذرين إذا لم القهما دمى
إن يفعلا فلقد تركت أباهما
جزر السباع وكلّ نسر قشعم
وممّا سبق إليه ولم ينازع فيه قوله:
وخلا الذّباب بها فليس ببارح
غردا كفعل الشارب المترنّم
هزجا يحكّ ذراعه بذراعه
فعل المكبّ على الزّناد الأجذم
وهذا من أحسن التشبيه.
وقوله :
حديث عنترة بن شداد عن الخمر
وإذا شربت فإنّنى مستهلك
مالى، وعرضى وافر لم يكلم
وإذا صحوت فما أقصّر عن ندى
وكما علمت شمائلى وتكرّمى
ومن ذلك قوله :
نسب عنترة بن شداد
إنى امرؤ من خير عبس منصبا
شطرى، وأحمى سائرى بالمنصل
وإذا الكتيبة أحجمت وتلاحظت
ألفيت خيرا من معمّ مخول
يقول: النصف من نسبى فى خير عبس، وأحمى النصف الآخر، وهو نسبه فى السودان، بالسيف، فأشرّفه أيضا.
ومن حسن شعره قوله
بكرت تخوّفنى الحتوف كأنّنى
أصبحت عن الحتوف بمعزل
فأجبتها: إنّ المنيّة منهل
لا بدّ أن أسقى بذاك المنهل
فاقنى حياءك، لا أبا لك، واعلمى
أنى امرؤ سأموت إن لّم أقتل
إنّ المنيّة لو تمثّل مثّلت
مثلى إذا نزلوا بضنك المنزل
ومن إفراطه قوله :
وأنا المنيّة فى المواطن كلّها
والطّعن منى سابق الآجال
وفى هذه يفخر بأخواله من السودان، يقول:
إنى لتعرف فى الحروب مواطنى
فى آل عبس مشهدى وفعالى
منهم أبى حقّا، فهم لى والد
والأمّ من حام، فهم أخوالي
المصادر
الشعر والشعراء
ابن قتيبة