حسان بن ثابت-شاعر الرسول
حسّان بن ثابت بن المنذر الأنصارىّ.
ويكنى حسان بن ثابت أبا الوليد وأبا الحسام. وأمّه الفريعة من الخزرج. وهو جاهلىّ إسلامىّ متقدّم الإسلام،
لم يشهد حسان بن ثابت مع النبى صلى الله عليه وسلم مشهدا، لأنّه كان جبانا.
وكان لحسان بن ثابت ناصية يسدلها بين عينيه ، وكان يضرب بلسانه روثة أنفه، من طوله ، ويقول: ما يسرّنى به مقول أحد من العرب، والله لو وضعته على شعر لحلقه، أو على صخر لفلقه.
عاش حسان بن ثابت فى الجاهليّة ستّين سنة وفى الإسلام ستّين سنة، ومات فى خلافة معاوية، وعمى فى آخر عمره.
قال الأصمعىّ: الشعر نكد بابه الشرّ، فإذا دخل فى الخير ضعف، هذا حسّان بن ثابت فحل من فحول الجاهليّة، فلمّا جاء الإسلام سقط شعره. وقال مرّة أخرى: شعر حسّان فى الجاهليّة من أجود الشعر، فقطع متنه فى الإسلام، لحال النبىّ صلى الله عليه وسلم.
وكان حسّان يفد على ملوك غسّان بالشام، وكان يمدحهم.
ومن جيّد شعره قوله فيهم:
أولاد جفنة حول قبر أبيهم
قبر ابن مارية الكريم المفضل
يسقون من ورد البريص عليهم
بردى يصفّق بالرّحيق السّلسل
يغشون حتى ما تهرّ كلابهم
لا يسألون عن السّواد المقبل
وابن مارية هو الحارث الأعرج بن أبى شمر الغسّانىّ. وكان أثيرا عندهم، ولذلك يقول:
قد أرانى هناك حق مكين
عند ذى النّاج مقعدى ومكانى
ولمّا سار جبلة بن الأيهم إلى بلاد الروم ورد على ملك الروم رسول معاوية، فسأله جبلة عن حسّان، فقال له: شيخ كبير قد عمى، فدفع إليه ألف دينار، وقال: ادفعها إلى حسّان. قال: فلمّا قدمت المدينة ودخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت فيه حسّان بن ثابت، فقلت له: صديقك جبلة يقرأ عليك السلام، قال: فهات ما معك، فقلت: يا أبا الوليد كيف علمت؟
قال: ما جاءتنى منه رسالة قطّ إلّا ومعها شىء. هذا فى بعض الروايات.
قال: وحدّثنى ابن أخى الأصمعىّ عن الأصمعىّ عن أهل المدينة قال: بعث الغسّانىّ إلى حسّان بخمس مائة دينار وكسى، وقال للرسول: إن وجدته قد مات فابسط هذه الثياب على قبره واشتر بهذه الدنانير إبلا فانحرها على قبره، فجاء فوجده حيّا فأخبره، فقال: لوددت أنك وجدتنى ميتا!! قال بعض أهل المدينة: ما ذكرت بيت حسان إلّا عدت فى الفتوّة، (هو قوله:
أهوى حديث النّدمان فى فلق الصّ
بح وصوت المغرّد الغرد
وولد لحسّان عبد الرحمن، من أخت مارية أمّ إبرهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تسمّى سيرين. وكان عبد الرحمن بن حسّان شاعرا. وكان له ابن يقال له سعيد بن عبد الرحمن.
وكانت لحسّان بنت شاعرة، وأرق حسّان ذات ليلة فعنّ له الشعر
فقال:
متاريك أذناب الأمور إذا اعترت
أخذنا الفروع واجتثثنا أصولها
ثم أجبل فلم يجد شيئا، فقالت له بنته: كأنّك قد أجبلت يا أبه؟! قال: أجل، قالت: فهل لّك أن أجيز عنك؟ قال: وهل عندك ذلك؟
قالت: نعم، قال: فافعلى، فقالت:
مقاويل بالمعروف خرس عن الخنا
كرام يعاطون العشيرة سولها
فحمى الشيخ فقال:
وقافية مثل السّنان رزئتها
تناولت من جوّ السماء نزولها
فقالت:
يراها الّذى لا ينطق الشعر عنده
ويعجز عن أمثالها أن يقولها
فقال حسّان: لا أقول بيت شعر وأنت حيّة، قالت: أو أومّنك؟ قال:
وتفعلين؟ قالت: نعم، لا أقول بيت شعر ما دمت حيّا.
وانقرض ولد حسّان فلم يبق له عقب. وقال حسّان أو ابنه عبد الرحمن: قلت شعرا لم أقل مثله، وهو :
وإنّ امرءا أمسى وأصبح سالما
من النّاس إلّا ما جنى لسعيد
والناس يقولون:
فشرّكما لخيركما الفداء
وهو عجز بيت لحسّان، قال:
أتهجوه ولست له بندّ
فشرّكما لخيركما الفداء
المصادر
الشعر والشعراء
ابن قتيبة