جريرالشاعرالهجاء-حياته وشعره وأخباره
وكان بين جريرو بينهم منافسات ومشاحنات وقصائد هجاء لايمكن ان تحصي.
وكانت اخبارهم كالمباريات تنقلها وسائل إعلام ذلك الزمان بين القبائل والبلدان مرة يفوز جرير ومرة الفرزدق.
وكان البلاط الأموي مسرح المباريات ومكان تلقي المكافأت.
جرير بن عطيّة بن الخطفى، واسمه حذيفة بن بدر بن سلمة بن عوف ابن كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة ابن تميم بن مر بن أدّ بن طابخة بن الياس بن مضر ابن نزار أبو حزرة الشاعر.
قدم دمشق غير مرة، وامتدح يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان، وأمره في ذلك مشهور، وامتدح الوليد وسليمان ابني عبد الملك، وقدم على عمر بن عبد العزيز، وعلى يزيد ابن عبد الملك.
لم يكن الأخطل مثلهمَا وَلَكِن ربيعَة تعصبت لَهُ وأفرطت فِيهِ فَقلت فجرير والفرزدق قَالَ كَانَ جرير يحسن ضروبا من الشّعْر لَا يحسنها الفرزدق وَفضل جَرِيرًا عَلَيْهِ.
وقد كَانَ يُقَال الأخطل إِذا لم يَجِيء سَابِقًا فَهُوَ سكيت والفرزدق لَا يجىء سَابِقًا وَلَا سكيتا فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمُصَلِّي وَجَرِير يجىء سَابِقًا وسكيتا ومصليا.
قَالَ ابْن سَلام وَتَأْويل قَوْله أَن للأخطل خمْسا أَو سِتا أَو سبعا طوَالًا روائع غررا جيادا هُوَ بِهن سَابق وَسَائِر شعره دون أشعارها فَهُوَ فِيمَا بَقِي بِمَنْزِلَة السّكيت والسكيت آخر الْخَيل فِي الرِّهَان وَيُقَال إِن الفرزدق دونه فِي هَذِه الروائع وفوقه فِي بَقِيَّة شعره فَهُوَ كالمصلي أبدا وَالْمُصَلي الَّذِي يَجِيء بعد السَّابِق وَقبل السّكيت وَجَرِير لَهُ روائع هُوَ بِهن سَابق وأوساط هُوَ بِهن مصل وسفسافات هُوَ بِهن سكيت.
قَالَ ابْن سَلام وَأهل الْبَادِيَة وَالشعرَاء بِشعر جرير أعجب.
سُئِلَ الأخطل عَن جرير بِالْكُوفَةِ فَقَالَ دعوا جَرِيرًا أَخْزَاهُ الله فَإِنَّهُ كَانَ بلَاء على من صب عَلَيْهِ.
وَذكر من قَوْله:
رأي الأخطل في جرير
مَا قاد من عرب إِلَى جوادهم
إِلَّا تركت جوادهم محسورا
أبقت مراكضتي الرِّهَان مجربا
عِنْد المواطن يرْزق التيسيرا
كَانَ الفرزدق عِنْد أبي فِي مشربَة لَهُ فَدخل رجل فَقَالَ وَردت الْيَوْم المربد قصيدة لجرير تناشدها النَّاس فانتقع لون الفرزدق قَالَ لَيست فِيك يَا أَبَا فراس قَالَ ففيمن قَالَ فِي ابْن لَجأ التَّيْمِيّ قَالَ أفحفظت مِنْهَا شَيْئا قَالَ نعم علقت مِنْهَا ببيتين قَالَ ماهما قَالَ:
رسول يحمل قصيدة جرير
لَئِن عمرت تيم زَمَانا بغرة
لقد حديت تيم حداء عصبصبا
فَلَا يضغمن اللَّيْث عكلا بغرة
وعكل يشمون الفريس المنيبا
فَقَالَ الفرزدق قَاتله الله إِذا أَخذ هَذَا المأخذ لَا يُقَام لَهُ.
كَانَ الفرزدق يتضور ويجزع إِذا انشد لجرير وَكَانَ جرير أصبرهما.
الفرزدق أبي وإياه لنغترف من بَحر وَاحِد وتضطرب دلاؤه عِنْد طول النهز.
قَالَ ابْن سَلام وذاكرت مَرْوَان بن أَبى حَفْصَة جَرِيرًاوالفرزدق فَقَالَ أحكم فى الثَّلَاثَة بِشعر فَإِن الْكَلَام يرويهِ كل قوم بأهوائهم فَقَالَ:
الحكم في جرير والأخطل والفرزدق
ذهب الفرزدق بالفخار وَإِنَّمَا
حُلْو الْكَلَام ومره لجرير
وَلَقَد هجا فأمض أخطل تغلب
وحوى اللهى بمديحه الْمَشْهُور
كل الثَّلَاثَة قد أَجَاد فمدحه
وهجاؤه قد سَار كل مسير
وَسَأَلت الأسيدي أَخا بني سَلامَة عَنْهُمَا فَقَالَ بيُوت الشّعْر أَرْبَعَة فَخر ومديح ونسيب وهجاء وَفِي كلهَا غلب جرير فِي الْفَخر فِي قَوْله:
أشهر قصائد جرير
إِذا غضِبت عَلَيْك بَنو تَمِيم
حسبت النَّاس كلهم غضابا
أقوي ما قال جرير في الْمَدْح
ألستم خير من ركب المطايا
وأندى الْعَالمين بطُون رَاح
أقوي ما قال جرير في الهجاء
فغض الطّرف إِنَّك من نمير
فَلَا كَعْبًا بلغت وَلَا كلابا
أقوي ما قال جرير في الغزل
إِن الْعُيُون الَّتِي فِي طرفها مرض
قتلننا ثمَّ لم يحيين قَتْلَانَا
وَإِلَى هَذَا يذهب أهل الْبَادِيَة.
قَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سَلام وَبَيت النسيب عِنْدِي:
فَلَمَّا التقى الْحَيَّانِ ألقيت الْعَصَا
وَمَات الْهوى لما أُصِيبَت مقاتله
قلت للأسيدي أما وَالله لقد أوجعكم يَعْنِي فِي الهجاء فَقَالَ يَا أَحمَق أَو ذَاك يمنعهُ أَن يكون شَاعِرًا.
كَانَ الخطفي ذَا إبل وَمَال فَلَمَّا ولد جرير لعطية كَانَ ينحله من إبِله وَمَاله فولد للخطفي صبية فَرجع فِيمَا كَانَ نحل جَرِيرًا فَقَالَ:
أَلا حَيّ رهبي ثمَّ حَيّ المطاليا
لقد كَانَ مأنوسا فَأصْبح خَالِيا
عَفا الرَّسْم إِلَّا أَن تذكر أَو ترى
ثماما حوالى منصب الخيم بَالِيًا
إِذا مَا أَرَادَ الْحَيّ أَن يتحملوا
وحنت جمال الْحَيّ حنت جمالِيًّا
وإنيى لمغرور أعلل بالمنى
غَدَاة أرجي أَن مَالك ماليا
وَإِنِّي لعف الْفقر مُشْتَرك الْغنى
سريع إِذا لم أَرض دَاري انتقاليا
وَلَيْسَت لسيفي فِي الْعِظَام بَقِيَّة
وللسيف أشوى وقمة من لسانيا
البيت الذي سرقه يزيد بن معاوية من جرير
وفد جرير بعد ذَلِك إِلَى يزِيد بن مُعَاوِيَة وَهُوَ خَليفَة وَجَرِير حدث فأنشده:
وَإِنِّي لعف الْفقر مُشْتَرك الْغنى
سريع إِذا لم أَرض دَاري انتقاليا
قَالَ كذبت ذَاك جرير قَالَ فَأَنا جرير قَالَ وَالله لقد فَارق أَمِير الْمُؤمنِينَ مُعَاوِيَة الدُّنْيَا وَهُوَ يرى أَن هَذَا الْبَيْت لي.
قيل تنَازع رجلَانِ فِي عَسْكَر الْمُهلب فِي جرير والفرزدق وَهُوَ بِإِزَاءِ الْخَوَارِج فصارا إِلَيْهِ وسألاه فَقَالَ لَا أَقُول فيهمَا شئيا وَكره أَن يعرض نَفسه .
وَلَكِن دلهماعلى من يهون عَلَيْهِ سَخَطِهِمَا عُبَيْدَة بن هِلَال الْيَشْكُرِي وَهُوَ مولى بني قيس بن ثَعْلَبَة وَهُوَ يَوْمئِذٍ فِي عَسْكَر قطري فَأتيَاهُ فوقفا حِيَال الْعَسْكَر فدعواه وَخرج يجر رمحه وَظن أَنه دعِي للبراز فَقَالَا لَهُ الفرزدق أشعر أم جرير فَقَالَ عَلَيْكُمَا وَعَلَيْهِمَا لعنة الله قَالَا نحب أَن تخبرنا ثمَّ نصير إِلَى مَا تُرِيدُ قَالَ من يَقُول:
وطوى القياد مَعَ الطراد بطونها
طي التُّجَّار بحضرموت برودا
قَالَ جرير قَالَ هُوَ أشعرهما أَنبأنا أَبُو خَليفَة أَنبأنا مُحَمَّد بن سَلام قَالَ أَخْبرنِي أَبُو رَجَاء الْكَلْبِيّ قَالَ كَانَ لأمامة امْرَأَة جرير ابْن أَخ ذُو إبل يُقَال لَهُ عضيدة لقصر فِي يَده فَلم تزل بِهِ امْرَأَته حَتَّى زوجه ابْنَته فعتب عَلَيْهِ فَقَالَ:
وغرتنا أُمَامَة فافتحلنا
عضيدة إِذْ تنخلت الفحول
إِذا مَا كَانَ فحلك فَحل سوء
خلجت النَّسْل أَو لؤم الفصيل
دخل جرير على الْوَلِيد بن عبد الْملك وَهُوَ خَليفَة وَعِنْده عدي ابْن الرّقاع العاملي فَقَالَ الْوَلِيد لجرير أتعرف هَذَا قَالَ لَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ هَذَا رجل من عاملة.
قَالَ الَّذين يَقُول الله جلّ {خاشعة عاملة ناصبة تصلى نَارا حامية }ثمَّ قَالَ:
يقصر بَاعَ العاملي عَن الْعلي
وَلَكِن أير العاملى طَوِيل
فَقَالَ العاملي:
أأمك كَانَت أَخْبَرتك بِطُولِهِ
أم انت امْرُؤ لم تدر كَيفَ تَقول
فَقَالَ لَا بل لم أدر كَيفَ أَقُول فَوَثَبَ العاملي إِلَى رجل الْوَلِيد فقبلها وَقَالَ أجرني مِنْهُ فَقَالَ الْوَلِيد لجرير لَئِن سميته لأسرجنك ولألجمنك ولير كبنك فتعيرك بذلك الشُّعَرَاء فكنى جرير عَن اسْمه واسْمه عدي فَقَالَ:
إِنِّي إِذا الشَّاعِر الْمَغْرُور حربنى
جَار لقبر على مران مرموس
قد كَانَ أشوس أباء فأورثنا
شغبا على النَّاس فِي أَبْنَائِنَا الشوس
أقصر فَإِن نزارا لَا يفآخرهم
فرع لئيم وأصل غير مغروس
وابنا نزار أحلاني بِمَنْزِلَة
فى رَأس أرعن عادى القداميس
وَابْن اللَّبُون إِذا مَا لز فِي قرن
لم يسْتَطع صولة البزل القناعيس
ورد البعيث المجاسعي على بني سليط بن يَرْبُوع وَكَانَ ولدهم وولدوه فشكوا إِلَيْهِ قهر جرير صَاحبهمْ يَعْنِي غَسَّان السليطي فَقَالَ البعيث:
إِذا يسرت معزى عَطِيَّة وارتعت
تلاعا من المروت أحوى جَمِيعهَا
تعرضت لي حَتَّى صككتك صَكَّة
على الْوَجْه يكبو لِلْيَدَيْنِ أميمها
أليست كُلَيْب ألأم النَّاس كلهم
وَأَنت إِذا عدت كُلَيْب لئيمها
الفرزدق يقيد نفسه ليقرأ القرآن
وَكَانَت ام البعيت أمة حَمْرَاء سجستانية تسمي فَرَّتْنَا فَكَانَ يُقَال لَهُ ابْن حَمْرَاء العجان فهجاه جرير فثاوره فَضَجَّ إِلَى الفرزدق والفرزدق يَوْمئِذٍ بِالْبَصْرَةِ وَقد قيد نَفسه وآلى لَا يفك قَيده حَتَّى يقْرَأ الْقُرْآن فَقَالَ البعيث:
لعمرى لَئِن ألهى الفرزدق قَيده
ودرج نوار ذُو الدهان وَذُو الْغسْل
ليبتعثن مني عداة مجاشع
بديهة لاواني الجراء وَلَا وغل
فَقَالَ جرير:
جزعت إِلَى درجي نوار وغسلها
فَأَصْبَحت عبدا ماتمر وَمَا تحلي
وعده النَّاس مَغْلُوبًا حِين اسْتَغَاثَ
قَالَ الفرزدق إِنِّي إِن وَثَبت على جرير الْآن حققت على البعيث الْغَلَبَة وَلَكِنِّي كَأَنِّي وَثَبت عَلَيْهِمَا فأدع البعيث وآخذ جَرِيرًا فَقَالُوا الطَّبِيب أطب فَقَالَ:
لود جرير اللؤم لَو كَانَ عانيا
وَلم يدن من زأر الْأسود الضراغم
وَلَيْسَ ابْن حَمْرَاء العجان بمفلتي
وَلم يزدجر طير النحوس الأشائم
وإنكما قد هجتماني عَلَيْكُمَا
فَلَا تجزعا واستسمعا للمراجم
وَقَالَ:
دَعَاني ابْن حَمْرَاء العجان وَلم يجد
لَهُ إِذْ دَعَا مستأخرا عَن دعائيا
فنفست عَن أنفيه حَتَّى تنفسا
وَقلت لَهُ لَا تخش شَيْئا ورائيا
فَلَمَّا استطار كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي صَاحبه قَالَ البعيث:
أشاركتني فِي ثَعْلَب قد أَكلته
فَلم يبْق إِلَّا رَأسه وأكارعه
فدونك خصييه وَمَا ضمت استه
فَإنَّك رمام خَبِيث مراتعه
قَالَ وَسقط البعيث بَينهمَا ولج الهجاء نَحوا من أَرْبَعِينَ سنة لم يغلب وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه.
وَلم يتهاج شاعران فِي الْجَاهِلِيَّة وَلَا الْإِسْلَام بِمثل مَا تهاجيا بِهِ وأشعارهما أَكثر من أَن تَأتي عَلَيْهَا وَلَكنَّا نكتب مِنْهَا النَّادِر.
وَقَالَ الفزردق لجرير
غلبتك بالمفقىء وَالْمعْنَى
وَبَيت المحتبي والخافقات
المفقىء قَوْله:
وَلست وَلَو فقأت عَيْنك واجدا
أَبَا لَك إِن عد المساعي كدارم
هُوَ الشَّيْخ وَابْن الشَّيْخ لَا شيخ مثله
أَبُو كل ذِي بَيت رفيع الدعائم
والمعني قَوْله:
وَإنَّك إِذْ تسْعَى لتدرك دارما
لأَنْت الْمَعْنى يَا جرير الْمُكَلف
والمحتبي قَوْله:
بَيْتا زُرَارَة محتب بفنائه
ومجاشع وَأَبُو الفوارس نهشل
والخافقات قَوْله:
وَأَيْنَ تقضي المالكان أمورها
بِخَير وَأَيْنَ الخافقات اللوامع
فَقَالَ جرير:
أقين بن قين مَا يسر نِسَاءَنَا
بِذِي نجب أَنا ادعينا لدارم
هُوَ الْقَيْن وَابْن الْقَيْن لدقين مثله
لفطح الْمساحِي أولجدل الأداهم
الجدل الفتل والأداهم الحبال أنبأنا أَبُو خَليفَة كل من كَانَ فِي عمله حَدِيد فَهُوَ قين بذى نجب يَوْم الْتَقت بَنو حَنْظَلَة وَبَنُو عَامر إِلَّا بني مَالك بن حَنْظَلَة.
قَالَ ابْن سَلام وَاشْترى جرير جَارِيَة من رجل من أهل الْيَمَامَة يُقَال لَهُ زيد يعرف بِابْن النجار ففركته وكرهت خشونة عيشه فَقَالَ:
تكلفني معيشة آل زيد
وَمن لي بالمرقق وَالصِّنَاب
وَقَالَت لَا تضم كضم زيد
وماضمى وَلَيْسَ معي شَبَابِي
فَقَالَ الفرزدق:
لَئِن فركتك علجة آل زيد
وأعوزك المرقق وَالصِّنَاب
لقدما كَانَ عَيْش أَبِيك جدبا
يعِيش بِمَا تعيش بِهِ الْكلاب
تزوج الفرزدق حدراء بنت زيق بن بسطَام بن قيس بن مَسْعُود بن قيس بن خَالِد بن ذى الجدين وَهُوَ عبد الله بن عَمْرو بن الْحَارِث بن همام بن مرّة بن ذهل بن شَيبَان على حكم أَبِيهَافاحتكم مئة من الْإِبِل فَدخل على الْحجَّاج فعذله.
وَقَالَ تَزَوَّجتهَا على حكمهَا وَحكم أَبِيهَا مئة بعير وَهِي نَصْرَانِيَّة وجئتنا متعرضا أَن نسوقها عَنْك اخْرُج مَالك عندنَا شَيْء فَقَالَ عَنْبَسَة بن سعيد وَأَرَادَ نَفعه أَيهَا الْأَمِير إِنَّمَا هِيَ من حَوَاشِي إبل الصَّدَقَة فَأمر لَهُ بهَا الْحجَّاج فَوَثَبَ عَلَيْهِ جرير فَقَالَ:
يَا زيق قد كنت من شَيبَان فِي حسب
يَا زيق ويحك من أنكحت يَا زيق
أنكحت وَيلك قينا باسته حمم
يَا زيق وَيحك أَن بارت بك السُّوق
غَابَ الْمثنى فَلم يشْهد نجيكم
والحوفزان وَلم يشهدك مفروق
يارب قائلة بعد الْبناء بهَا
لَا الصهر رَاض وَلَا ابْن الْقَيْن معشوق
أَيْن الألى استنزلوا النُّعْمَان ضاحية
أم أَيْن أَبنَاء شَيبَان الغرانيق
قَالَ فَلم يجبهُ الفرزدق فَقَالَ جرير أَيْضا
فَلَا أَنا معطي الحكم عَن شف منصب
وَلَا عَن بَنَات الحنظليين رَاغِب
وَهن كَمَاء المزن يشفى بِهِ الصدى
وَكَانَت ملاحا غَيْرهنَّ المشارب
فَلَو كنت حرا كَانَ عشر سياقكم
إِلَى آل زيق والوصيف المقارب
فَقَالَ الفرزدق:
فنل مثلهَا من مثلهم ثمَّ لمهم
على دارمى بَين ليلى وغالب
هم زوجوا قبلى لقيطا وَأنْكحُوا
ضِرَارًا وهم أكفاؤنا فِي الْمُنَاسب
وَلَو قبلوا منا عَطِيَّة سقته
إِلَى آل زيق من وصيف مقارب
وَلَو تنْكح الشَّمْس النُّجُوم بناتها
إِذن لنكحناهن قبل الْكَوَاكِب
مَا كَانَت امْرَأَة من بني حَنْظَلَة إِلَّا ترفع لجرير اللوية فِي عكمها تطرفه لقَوْله:
وَهن كَمَاء المزن يشفى بِهِ الصدى
وَكَانَت ملاحا غَيْرهنَّ المشارب
فَقلت للزراري مَا اللوية قَالَ الشريحة من اللَّحْم وَهِي الفدرة من التَّمْر والكبة من الشَّحْم أَو الجلة من الأقط فَإِذا كَانَت الصفرية وَذَهَبت الألبان وَضَاقَتْ الْمَعيشَة كَانَت طرفَة عِنْدهم.
وَقَالَ جرير:
أثائرة حدراء من جر بالنقا
وَهل لأبي حدراء فِي الْوتر طَالب
أتثأر بسطاما إِذا ابتلت استها
وَقد بولت فِي مسمعيه الثعالب
قَالَ ابْن سَلام والنقا الَّذِي عناه جرير هُوَ الْموضع الَّذِي قتلت فِيهِ بَنو ضبة بسطاما وَهُوَ بسطَام بن قيس قَالَ فَكرِهت بَنو شَيبَان أَن يهتك جرير أعراضهم فَلَمَّا أَرَادَ الفرزدق نقل حدراء اعتلوا عَلَيْهِ وَقَالُوا لَهُ إِنَّهَا مَاتَت.
قَالَ الْجَرِير:
فأقسمت ماماتت ولكنما التوى
بحدراء قوم لم يروك لَهَا أَهلا
رَأَوْا أَن صهر الْقَيْن عَار عَلَيْهِم
وَأَن لبسطام على غَالب فضلا
ومن أقوال جرير
لقدء قادني من حب ماوية الْهوى
وَمَا كنت ألْقى للجنيبة أقودا
أحب ثرى نجد وبالغور حَاجَة
فغار الْهوى يَا عبد قيس وأنجدا
أَقُول لَهُ يَا عبد قيس صبَابَة
بِأَيّ ترى مستوقد النَّار أوقدا
فَقَالَ أَرَاهَا أرثت بوقودها
بِحَيْثُ استفاض الْجزع شيحا وغرقدا
فأعجبت النَّاس وتناشدوها.
فَحَدثني جَابر بن جندل قَالَ فَقَالَ لنا جرير أَعجبتكُم هَذِه الأبيات قَالُوا نعم قَالَ كأنكم بالقين قد قَالَ:
أعد نظرا يَا عبد قيس فَإِنَّمَا
أَضَاءَت لَك النَّار الْحمار المقيدا
فَلم يَلْبَثُوا أَن جَاءَهُم فِي قَول الفرزدق هَذَا الْبَيْت وَبعده:
حمَار بمروت السحامة قاربت
وظيفيه حول الْبَيْت حَتَّى ترددا
كليبية لم يَجْعَل الله وَجههَا
كَرِيمًا وَلم يسنح بهَا الطير أسعدا
فتناشدها النَّاس فَقَالَ الفرزدق كأنكم بِابْن المراغة قد قَالَ:
وَمَا عبت من نَار أَضَاء وقودها
فِرَاسًا وبسطام بن قيس مُقَيّدا
قَالَ فَإِذا هِيَ قد جَاءَت لجرير وفيهَا هَذَا الْبَيْت وَمَعَهُ:
فأوقدت بالسيدان نَارا ذليلة
وأشهدت من سوآت جمعثن مشهدا
قَالَ واجتمعنا عِنْد سُلَيْمَان بن عبد الْملك وَهُوَ خَليفَة وأتى بأسرى من الرّوم قَالَ ابْن سَلام فَأَخْبرنِي ابو يحيى الضَّبِّيّ قَالَ وَفِي حرسه رجل من بني عبس قد علم ان سيأمر أَصْحَابه بِضَرْب أَعْنَاقهم.
فَأتى الفرزدق وَذَلِكَ لسوء أَثَره فِي قيس فَقَالَ إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ حرى أَن يَأْمر بِضَرْب عنق بعض هَؤُلَاءِ الأسرى وَهَذَا سَيفي يَكْفِيك أَن أَن تومىء بِهِ فَيَأْتِي على ضريبته وَأَتَاهُ بِسيف كليل كهام فَقَالَ لَهُ الفرزدق مِمَّن أَنْت قَالَ من بني ضبة أخوالك وَأمره سُلَيْمَان بِضَرْب عنق بَعضهم فَتَنَاول السَّيْف من العبسى ثمَّ هزه فَضرب بِهِ عُنُقه فَمَا حص شَعْرَة وَلم يُؤثر بِهِ أثرا فَضَحِك سُلَيْمَان وَالنَّاس.
فَقَالَ هَذِه ضَرْبَة سَيَقُولُ فِيهَا هَذَا يَعْنِي جَرِيرًا وَتقول فِيهَا الْعَرَب وَقَالَ:
فَإِن يَك سيف خَان أَو قدر أَبى
لتأخير نفس حتفها غير شَاهد
فسيف بني عبس وَقد ضربوا بِهِ
نبا بيدى وَرْقَاء عَن رَأس خَالِد
كَذَاك سيوف الْهِنْد تنبو ظباتها
وَيَقْطَعْنَ أَحْيَانًا منَاط القلائد
وَقَالَ جرير:
بِسيف أبي رغوان سيف مجاشع
ضربت وَلم تضرب بِسيف ابْن ظَالِم
ضربت بِهِ عِنْد الإِمَام فأرعشت
يداك وَقَالُوا مُحدث غير صارم
وَقَالَ:
أخزيت قَوْمك فِي مقَام قمته
وَوجدت سيف مجاشع لَا يقطع
وَقَالَ الفرزدق:
فَهَل ضَرْبَة الرُّومِي جاعلة لكم
أَبَا عَن كُلَيْب أوأبا مثل دارم
وَلَا نقْتل الأسرى وَلَكِن نفكهم
إِذا أثقل الْأَعْنَاق حمل المغارم
وَقَالَ اللعين:
سأحكم بَين كلب بني كُلَيْب
وَبَين الْقَيْن قين بني عقال
فَإِن الْكَلْب مطعمه خَبِيث
وَإِن الْقَيْن يعْمل فِي سفال
وَقد حسر البعيث وأقعدته
لئيمات المناخر والسبال
وَيتْرك جده الخطفى جرير
وَينْدب حاجبا وَبني عقال
قَالَ ابْن سَلام وَسمعت يُونُس يَقُول فَلم يلتفتا لفته وَأَرَادَ أَن يذكراه فيرفعه ذَلِك فَقَالَ:
فَمَا بقيا على تركتماني
وَلَكِن خفتما صرد النبال
وَقَالَ الصلتان الْعَبْدي
أَلا إِنَّمَا تحظى كُلَيْب بشعرها
وبالمجد تحظى نهشل والأقارع
أَنا الصلتا بى الَّذِي قد عَرَفْتُمْ
مَتى مايحكم فَهُوَ بالحكم صادع
أَتَتْنِي تَمِيم حِين هابت قضاتها
فَهَل أَنْت للفصل الْمُبين سامع
قَضَاء امرىء لَا يرهب الشتم مِنْكُم
وَلَيْسَ لَهُ فِي الحكم مِنْكُم مَنَافِع
فَمَا رَجَعَ الْأَعْشَى قَضِيَّة عَامر
وَمَا لتميم فِي قضائي رَاجع
فَإِن يَك بَحر الحنظليين وَاحِدًا
فَمَا تستوى حيتانه والضفادع
فيا شَاعِرًا لاشاعر الْيَوْم مثله
جرير وَلَكِن فى كُلَيْب تواضع
وَيرْفَع من شعر الفرزدق أَنه
ينوء بحى للخسيسة رَافع
يناشدني النَّصْر الفرزدق بَعْدَمَا
ألحت عَلَيْهِ من جرير صواقع
فَلم يرض وَاحِد مِنْهُمَا قَوْله فَقَالَ الفرزدق أما الشّرف فقد عرفه وَأما الشّعْر فَمَا للبحراني وَالشعر.
وَقَالَ جرير:
أَقُول وَلم أملك سوابق عِبْرَة
مَتى كَانَ حكم الله فِي كرب النّخل
فَقَالَ الصلتان:
أعيرتنا بِالنَّخْلِ أَن كَانَ مالنا
لود أَبوك الْكَلْب لَو كَانَ ذَا نخل
فاعترضه خُلَيْد عينين من أهل هجر فَقَالَ
وأى نبى كَانَ فِي غير قَرْيَة
وَمَا الحكم يَا ابْن اللؤم إِلَّا مَعَ الرُّسُل
وَقَالَ جرير:
فَخَل الْفَخر يَا ابْن أبي خُلَيْد
وأد خراج رَأسك كل عَام
لقد علقت يَمِينك رَأس ثَوْر
وَمَا علقت يَمِينك باللجام
قَالَ الْحجَّاج لَهما وَهُوَ فِي قصره بحزيز الْبَصْرَة ائتيا فِي لِبَاس آبائكما فِي الْجَاهِلِيَّة فجَاء الفرزدق وَقد لبس الديباج والخز وَقعد فِي قبَّة وشاور جرير دهاة بني يَرْبُوع فَقَالُوا مَا لِبَاس آبَائِنَا إِلَّا الْحَدِيد فَلبس جرير درعا وتقلد سَيْفا وَأخذ رمحا وَركب فرسا لعباد بن الْحصين يُقَال لَهُ المنحاز وَأَقْبل فِي أَرْبَعِينَ فَارِسًا من بني يَرْبُوع وَجَاء الفرزدق فِي هَيئته.
فَقَالَ جرير:
لبست سلاحي والفرزدق لعبة
عَلَيْهِ وشاحا كرج وجلاجله
أعدُّوا مَعَ الْخَزّ الملاب فَإِنَّمَا
جرير لكم بعل وَأَنْتُم حلائله
ثمَّ رجعا فَوقف جرير فِي مَقْبرَة بني حصن ووقف الفرزدق فِي المربد.
فَأَخْبرنِي أبي عَن مُحَمَّد بن زِيَاد قَالَ كنت أختلف بَينهمَا يَوْمئِذٍ فَكَأَن جَرِيرًا كَانَ يَوْمئِذٍ أظفرهما.
عَن هَارُون بن إِبْرَاهِيم قَالَ رأيتهما فِي مَسْجِد دمشق والفرزدق فِي عِصَابَة من خندف وَالنَّاس عنق على جرير قيس وموالى بني أُميَّة وهم يسلمُونَ عَلَيْهِ ويسألونه يَا أَبَا حزرة كَيفَ كنت فِي مسيرك وَذَلِكَ لمديحه قيسا وَقَوله فِي الْعَجم.
فيجمعنا والغر أَوْلَاد سارة
أَب لَا نبالي بعده من تغدرا
قَالَ أَبُو خَليفَة سَمِعت عمَارَة بن عقيل بن بِلَال يَقُول وافته فِي يَوْمه مئة حلَّة من بني الْأَحْرَار.
أَنبأنا أَبُو خَليفَة نَا ابْن سَلام وحَدثني أَبُو الْيَقظَان نَا جوَيْرِية بن أَسمَاء قَالَ قلت لنصيب مولى عبد الْملك يَا أَبَا محجن من أشعر النَّاس فَقَالَ أَخُو بني تَمِيم.
قلت ثمَّ من قَالَ أَنا قَالَ قلت ثمَّ من قَالَ ابْن يسَار النِّسَاء فَلَقِيت إِسْمَاعِيل بن يسَار النسائى فَقلت يَا أَبَا فائد من أشعر النَّاس قَالَ اخو بني تَمِيم قلت ثمَّ من قَالَ أَنا قلت ثمَّ من قَالَ نصيب قلت إنَّكُمَا لتتقارضان الثَّنَاء قَالَ وَمَا ذَاك قَالَ قلت سَأَلته فَقَالَ فِيك مثلمَا قلت فِيهِ قَالَ إِنَّه وَالله شَاعِر كريم وَلَا أَظُنهُ إِلَّا بَدَأَ بِابْن يسَار قبل نصيب.
من أشهر قصائد جرير
قَالَ ابْن سَلام وَمِمَّا قَالَ جرير من الأبيات المقلدة قَوْله:
وَلَيْسَت لسيفي فِي الْعِظَام بَقِيَّة
وللسيف أشوى وقْعَة من لسانيا
وَقَوله:
لَا يلبث القرناء أَن يتفرقوا
ليل يكر عَلَيْهِم ونهار
وَقَوله:
زعم الفرزدق أَن سيقتل مربعًا
أبشر بطول سَلامَة يَا مربع
وَقَوله:
ألستم خير من ركب المطايا
وأندى الْعَالمين بطُون رَاح
وَقَوله:
لَا يأمنن قوى نقض مرته
إِنِّي أرى الدَّهْر ذَا نقض وإمرار
وَقَوله:
أَنا الْبَازِي المطل على نمير
أتيح من السَّمَاء لَهَا انصبابا
وَقَوله:
وَإِنِّي لعف الْفقر مُشْتَرك الْغنى
سريع إِذا لم أَرض دَاري انتقاليا
وَقَوله:
يحالفهم فقر قديم وذلة
وَبئسَ الخليطان المذلة والفقر
فصبرا على ذل ربيع بن مَالك
وكل ذليل خير عَادَته الصَّبْر
وَقَوله:
دعون الْهوى ثمَّ ارتمين قُلُوبنَا
بأسهم أَعدَاء وَهن صديق
أوانس أما من أردن عناءه
فعان وَمن أطلقن فَهُوَ طليق
وَقَوله:
إِن الَّذين غدوا بلبك غادروا
وشلا بِعَيْنِك مَا يزَال معينا
غيضن من عبراتهن وقلن لي
مَاذَا لقِيت من الْهوى ولقينا
وَقَوله:
فغض الطّرف إِنَّك من نمير
فَلَا كَعْبًا بلغت وَلَا كلابا
إِذا غضِبت عَلَيْك بَنو تَمِيم
حسبت النَّاس كلهم غضابا
وَقَوله:
إِن الْعُيُون الَّتِي فِي طرفها مرض
قتلننا ثمَّ لم يحيين قَتْلَانَا
وَقَوله:
يَا أهل جزرة إِنِّي قد نصبت لكم
بالمنجنيق وَلما يُرْسل الْحجر
وَقَوله:
وَلما التقى الْحَيَّانِ ألقيت العصى
وَمَات الْهوى لما أُصِيبَت مقاتله
وَقَوله:
تريدين أَن أرْضى وَأَنت بخيلة
وَمن ذَا الَّذِي يُرْضِي الأخلاء بالبخل
فَإنَّك لَا يرضى إِذا كَانَ عاتبا
خَلِيلك إِلَّا بالمودة والبذل
وَقَوله:
ياتيم إِن بُيُوتكُمْ تَيْمِية
قعس الْعِمَاد قَصِيرَة الْأَطْنَاب
قوم إِذا حضر الْمُلُوك وفودهم
نتفت شواربهم على الْأَبْوَاب
وَقَوله:
وَكنت إِذا نزلت بدار قوم
ظعنت بخزية وَتركت عارا
وَقَوله:
أتنسى إِذْ تودعنا سليمى
بِعُود بشامة سقى البشام
بنفسي من تجنبه عَزِيز
عَليّ وَمن زيارته لمام
وَمن أمسي وَأصْبح لَا أرَاهُ
ويطرقني إِذا هجع النيام
وَقَوله:
وَابْن اللَّبُون إِذا مَا لز فِي قرن
لم يسْتَطع صولة البزل القناعيس
وَقَوله:
لَو كنت حرا يَا ابْن قين مجاشع
شيعت ضيفك فرسخين وميلا
وَقَوله:
لَا يَسْتَطِيع امتناعا فقع قرقرة
بَين الطَّرِيقَيْنِ بالبيد الأ مَا لَيْسَ
وَقَوله:
لَا يَسْتَطِيع أَخُو الصبابة أَن يرى
حجرا أَصمّ وَلَا يكون حديدا
وَقَوله:
لَو أَن عصم ممتايتين ويذبلا
سمعا حَدِيثك أنزل الأوعالا
أَخْبرنِي أَبُو خَليفَة قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلام قَالَ حَدثنَا أَبُو الْيَقظَان عَن جوَيْرِية بن أَسمَاء قَالَ قدم الفرزدق الْيَمَامَة وَعَلَيْهَا المُهَاجر بن عبد الله الْكلابِي فَقَالَ لَو دخلت على هَذَا فَأَصَبْت مِنْهُ شَيْئا وَلم يعلم بِي جرير فَلم تَسْتَقِر بِهِ الدَّار.
حَتَّى قَالَ جرير:
رَأَيْتُك إِذْ لم يغنك الله بالغنى
رجعت إِلَى قيس وخدك ضارع
وَمَا ذَاك إِن أعْطى الفرزدق باسته
بِأول ثغر ضيعته مجاشع
فَلَمَّا بلغ ذَلِك الفرزدق قَالَ لَا جرم وَالله لَا أَدخل عَلَيْهِ وَلَا أرزؤه شَيْئا وَلَا أقيم بِالْيَمَامَةِ ثمَّ رَحل.
- أَنبأنا أَبُو خَليفَة نَا ابْن سَلام قَالَ أَخْبرنِي أَبُو الغرافقَالَ نعي الفرزدق لجرير وَهُوَ عِنْد المُهَاجر بن عبد الله بِالْيَمَامَةِ فَقَالَ:
مَاتَ الفرزدق بعد مَا جدعته
لَيْت الفرزدق كَانَ عَاشَ قَلِيلا
فَقَالَ لَهُ المُهَاجر لبئس مَا قلت تهجو ابْن عمك بعد مَا مَاتَ لَو رثيته كَانَ أحسن بك قَالَ وَالله إِنِّي لأعْلم ان بقائي بعده لقَلِيل وَإِن كَانَ نجمي مُوَافقا لنجمه فلأ رثينه قَالَ بعد مَا قيل لَك لَو كنت بكيته مَا نسيتك الْعَرَب.
- قَالَ ابْن سَلام فانشدني مُعَاوِيَة بن أبي عَمْرو لجرير يرثي الفرزدق
فَلَا ولدت بعد الفرزدق حَامِل
وَلَا ذَات حمل من نِفَاس تعلت
هُوَ الْوَافِد الْمَأْمُون والراتق الثأى
إِذا النَّعْل يَوْمًا بالعشيرة زلت
أَنا أَبُو خَليفَة نَا ابْن سَلام قَالَ حَدثنِي يُونُس ابْن حبيب النَّحْوِيّ قَالَ كَانَ عبد الْملك بن مَرْوَان لَا يسمع لشعراء مُضر وَلَا يَأْذَن لَهُم لأَنهم كَانُوا زبيرية فوفد إِلَيْهِ الْحجَّاج وفادته الَّتِي وفدها لم يفد إِلَيْهِ غَيرهَا فأهدى إِلَيْهِ جَرِيرًا.
فَدخل عَلَيْهِ فَأذن لَهُ فِي النشيد فَقَامَ فَأَنْشد مديح الْحجَّاج وَاحِدَة بعد وَاحِدَة فَأَوْمأ إِلَيْهِ الْحجَّاج أَن ينشد مديح عبد الْملك فأنشده الَّتِي يَقُول فِيهَا.
ألستم خير من ركب المطايا
وأندى الْعَالمين بطُون رَاح
وَاعْتمد على ابْن الزبير فَقَالَ
دَعَوْت الْمُلْحِدِينَ أَبَا خبيب
جماحا هَل شفيت من الجماح
وَقد وجدوا الْخَلِيفَة هبرزيا
ألف الْعيص لَيْسَ من النواحي
المصادر:
الشعر والشعراء
ابن قتيبة