عَلى الشَنفَرى ساري الغَمامِ فَرائِح


عَلى الشَنفَرى ساري الغَمامِ فَرائِح

تأبط شرا شاعر من الشعراء الصعاليك وكان من فتاك العرب وشجعانهم وكان عداءاً لا تلحق يه الخيل وكان من الشعراء المجيدين في وصف الغارات والمغامرات صاحب الشنفري والسليك بن السلكة وعروة بن الورد وبن عامر 


عَلى الشَنفَرى ساري الغَمامِ فَرائِحٌ  غَزيرُ الكُلى وَصَيِّبُ الماءِ باكِرُ


عَلى الشَنفَرى ساري الغَمامِ فَرائِحٌ

غَزيرُ الكُلى وَصَيِّبُ الماءِ باكِرُ

عَلَيكَ جَزاءٌ مِثلُ يَومِكَ بِالجَبا

وَقَد رَعَفَت مِنكَ السُيوفُ البَواتِرُ

وَيَومِكَ يَومُ العَيكَتَينِ وَعَطفَةٍ

عَطَفتَ وَقَد مَسَّ القُلوبَ الحَناجِرُ

تَجولُ بِبِزِّ المَوتِ فيهِم كَأَنَّهُم

بِشَوكَتِكَ الحُدّى ضَئينٌ نَوافِرُ

وَطَعنَةِ خَلسٍ قَد طَعَنتَ مُرِشَّةٍ

لَها نَفَذٌ تَضِلُّ فيهِ المَسابِرُ

إِذا كُشِفَت عَنها السُتورُ شَحا لَها

فَمٌ كَفَمِ العَزلاءِ فَيحانُ فاغِرُ

يَظَلُّ لَها الآسي يَميدُ كَأَنَّهُ

نَزيفٌ هَراقَت لُبَّهُ الخَمرُ ساكِرُ

فَيَكفي الَّذي يَكفي الكَريمُ بِحَزمِهِ

وَيَصبِرُ إِنَّ الحُرَّ مِثلَكَ صابِرُ

فَإِن تَكُ نَفسُ الشَنفَرى حُمَّ يَومُها

وَراحَ لَهُ ماكانَ مِنهُ يُحاذِرُ

فَما كانَ بِدعاً أَن يُصابَ فَمِثلُهُ

أُصيبَ وَحُمَّ المُلتَجونَ الفَوادِرُ

قَضى نَحبَهُ مُستَكثِراً مِن جَميلِهِ

مُقِلّاً مِنَ الفَحشاءِ وَالعِرضُ وافِرُ

يُفَرِّجُ عَنهُ غُمَّةَ الرَوعِ عَزمُهُ

وَصَفراءُ مِرنانٌ وَأَبيَضُ باتِرُ

وَأَشقَرُ غَيداقُ الجِراءِ كَأَنَّهُ

عُقابٌ تَدَلّى بَينَ نيقَينِ كاسِرُ

يَجُمُّ جُمومَ البَحرِ طالَ عُبابُهُ

إِذا فاضَ مِنهُ أَوَّلٌ جاشَ آخِرُ

لَئِن ضَحِكَت مِنكَ الإِماءُ لَقَد بَكَت

عَلَيكَ فَأَعوَلنَ النِساءُ الحَرائِرُ

وَمَرقَبَةٍ شَمّاءَ أَقعَيتَ فَوقَها

لِيَغنَمَ غازٍ أَو لِيُدرِكَ ثائيرُ

وَأَمرٍ كَسَدِّ المِنخَرَينِ اِعتَلَيتَهُ

فَنَفَّستَ مِنهُ وَالمَنايا حَواضِرُ

وَإِنَّكَ لَو لاقَيتَني بَعدَ ما تَرى

وَهَل يُلقَينَ مَن غَيَّبَتهُ المَقابِرُ

لَأَلفَيتِني في غارَةٍ أَعتَزي بِها

إِلَيكَ وَإِمّا راجِعاً أَنا ثائِرُ

فَلَو نَبَّأَتني الطَيرُ أَو كُنتُ شاهِداً

لَآساكَ في البَلوى أَخٌ لَكَ ناصِرُ

وَإِن تَكُ مَأسوراً وَظَلتَ مُخَيّماً

وَأَبلَيتَ حَتّى ما يَكيدُكَ واتِرُ

وَحَتّى رَماكَ الشَيبُ في الرَأسِ عانِساً

وَخَيرُكَ مَبسوطٌ وَزادُكَ حاضِرُ

وَأَجمَلُ مَوتِ المَرءِ إِذ كانَ مَيِّتاً

وَلابُدَّ يَوماً مَوتُهُ وَهوَ صابِرُ

وَخَفَّضَ جَأشي أَنَّ كُلَّ اِبنِ حُرَّةٍ

إِلى حَيثُ صِرتَ لا مَحالَةَ صائِرُ

وَأَنَّ سَوامَ المَوتِ تَجري خِلالَنا

رَوائِحُ مِن أَحداثِهِ وَبَواكِرُ

فَلا يَبعَدَنَّ الشَنفَرى وَسِلاحُهُ

الحَديدُ وَشَدٌّ خَطوُهُ مُتَواتِرُ

إِذا راعَ رَوعُ المَوتِ راعَ وَإِن حَمى

حَمى مَعَهُ حُرٌّ كَريمٌ مُصابِرُ


تعليقات