ألا في سبيلِ المَجْدِ ما أنا فاعل
قصيدة أبي العلاء المعري من البحر الطويل
الجو النفسي للقصيدة
الفخر والإعتزاز بالنفس
وزن القصيدة
البحر الطويل
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
ألا في سبيلِ المَجْدِ ما أنا فاعل
عَفافٌ وإقْدامٌ وحَزْمٌ ونائِل
أعندي وقد مارسْتُ كلَّ خَفِيّةٍ
يُصَدّقُ واشٍ أو يُخَيّبُ سائِل
أقَلُّ صُدودي أنّني لكَ مُبْغِضٌ
وأيْسَرُ هَجْري أنني عنكَ راحل
إذا هَبّتِ النكْباءُ بيْني وبينَكُمْ
فأهْوَنُ شيْءٍ ما تَقولُ العَواذِل
تُعَدّ ذُنوبي عندَ قَوْمٍ كثيرَةً
ولا ذَنْبَ لي إلاّ العُلى والفواضِل
كأنّي إذا طُلْتُ الزمانَ وأهْلَهُ
رَجَعْتُ وعِنْدي للأنامِ طَوائل
وقد سارَ ذكْري في البلادِ فمَن لهمْ
بإِخفاءِ شمسٍ ضَوْؤها مُتكامل
يُهِمّ الليالي بعضُ ما أنا مُضْمِرٌ
ويُثْقِلُ رَضْوَى دونَ ما أنا حامِل
وإني وإن كنتُ الأخيرَ زمانُهُ
لآتٍ بما لم تَسْتَطِعْهُ الأوائل
وأغدو ولو أنّ الصّباحَ صوارِمٌ
وأسْرِي ولو أنّ الظّلامَ جَحافل
وإني جَوادٌ لم يُحَلّ لِجامُهُ
ونِضْوٌ يَمانٍ أغْفَلتْهُ الصّياقل
وإنْ كان في لُبسِ الفتى شرَفٌ له
فما السّيفُ إلاّ غِمْدُه والحمائل
ولي مَنطقٌ لم يرْضَ لي كُنْهَ مَنزلي
على أنّني بين السّماكينِ نازِل
لَدى موْطِنٍ يَشتاقُه كلُّ سيّدٍ
ويَقْصُرُ عن إدراكه المُتناوِل
ولما رأيتُ الجهلَ في الناسِ فاشياً
تجاهلْتُ حتى ظُنَّ أنّيَ جاهل
فوا عَجَبا كم يدّعي الفضْل ناقصٌ
ووا أسَفا كم يُظْهِرُ النّقصَ فاضل
وكيف تَنامُ الطيرُ في وُكُناتِها
وقد نُصِبَتْ للفَرْقَدَيْنِ الحَبائل
يُنافسُ يوْمي فيّ أمسي تَشرّفاً
وتَحسدُ أسْحاري عليّ الأصائل
وطال اعتِرافي بالزمانِ وصَرفِه
فلَستُ أُبالي مًنْ تَغُولُ الغَوائل
فلو بانَ عَضْدي ما تأسّفَ مَنْكِبي
ولو ماتَ زَنْدي ما بَكَتْه الأنامل
إذا وَصَفَ الطائيَّ بالبُخْلِ مادِرٌ
وعَيّرَ قُسّاًً بالفَهاهةِ باقِل
وقال السُّهى للشمس أنْتِ خَفِيّةٌ
وقال الدّجى يا صُبْحُ لونُكَ حائل
وطاوَلَتِ الأرضُ السّماءَ سَفاهَةً
وفاخَرَتِ الشُّهْبُ الحَصَى والجَنادل
فيا موْتُ زُرْ إنّ الحياةَ ذَميمَةٌ
ويا نَفْسُ جِدّي إنّ دهرَكِ هازِل
وقد أغْتَدي والليلُ يَبكي تأسُّفاً
على نفْسِهِ والنَّجْمُ في الغرْبِ مائل
بِريحٍ أُعيرَتْ حافِراً من زَبَرْجَدٍ
لها التّبرُ جِسْمٌ واللُّجَيْنُ خَلاخل
كأنّ الصَّبا ألقَتْ إليَّ عِنانَها
تَخُبّ بسَرْجي مَرّةً وتُناقِل
إذا اشتاقَتِ الخيلُ المَناهلَ أعرَضَتْ
عنِ الماء فاشتاقتْ إليها المناهل
وليْلان حالٍ بالكواكبِ جَوْزُهُ
وآخرُ من حَلْيِ الكواكبِ عاطل
كأنَّ دُجاهُ الهجْرُ والصّبْحُ موْعِدٌ
بوَصْلٍ وضَوْءُ الفجرِ حِبٌّ مُماطل
قَطَعْتُ به بحْراً يَعُبّ عُبابُه
وليس له إلا التَبَلّجَ ساحل
ويُؤنِسُني في قلْبِ كلّ مَخوفَةٍ
حلِيفُ سُرىً لم تَصْحُ منه الشمائل
من الزّنْجِ كَهلٌ شابَ مفرِقُ رأسِه
وأُوثِقَ حتى نَهْضُهُ مُتثاقِل
كأنّ الثرَيّا والصّباحُ يرُوعُها
أخُو سَقْطَةٍ أو ظالعٌ مُتحامل
إذا أنْتَ أُعْطِيتَ السعادة لم تُبَلْ
وإنْ نظرَتْ شَزْراً إليكَ القبائل
تَقَتْكَ على أكتافِ أبطالها القَنا
وهابَتْكَ في أغمادهِنَّ المَناصِل
وإنْ سدّدَ الأعداءُ نحوَكَ أسْهُماً
نكَصْنَ على أفْواقِهِنَّ المَعابل
تَحامى الرّزايا كلَّ خُفّ ومَنْسِم
وتَلْقى رَداهُنَّ الذُّرَى والكواهِل
وتَرْجِعُ أعقابُ الرّماحِ سَليمَةً
وقد حُطِمتْ في الدارعينَ العَوامل
فإن كنْتَ تَبْغي العِزّ فابْغِ تَوَسّطاً
فعندَ التّناهي يَقْصُرُ المُتطاوِل
تَوَقّى البُدورٌ النقصَ وهْيَ أهِلَّةٌ
ويُدْرِكُها النّقْصانُ وهْيَ كوامل